رواية (القلب وما يعشق) كاملة

موقع أيام نيوز

سيارته هرولت إلى غرفتها وأغلقتها واطفأت المصباح وتدثرت جيدا وتصنعت النوم.
دخل عبد الرحمن المنزل فوجد الطعام معد على المائدة والجو يسوده الصمت والهدوء بدل ملابسه وطرق باب غرفة ايمان طرقات خفيفة لم ترد عليها فزادها بتصميما نهضت فوقفت خلف الباب وقالت
نعم فى حاجة
عبد الرحمن
ممكن تفتحى .. فى حاجة مهمة عاوز اخدها من جوه
أنا نقلتلك كل حاجتك فى الأوضة التانية
قال وهو يتصنع الجدية 
لاء فى فردة شراب مش لاقيها.. أكيد فى الدولاب عندك
صدقته وذهبت تنظر فى خزانة الملابس للتأكد ولكنها لم تجد شىء عادت مجددا قائلة
ملقتش حاجة
تحدث بنفس النبرة قائلا
أزاى يعنى .. أنا متأكد انها جوه .. أنا محتاجها بكرة ضرورى .. لو سمحتى افتحى
وقفت ايمان مترددة ثم ارتدت إسدال الصلاة وفتحت الباب ببطء رسم على ملامحه علامات الحنق وهو يدخل الغرفة ويقول
مش معقول كده.. أقف ساعة برة علشان شراب .. أومال لو كانت فانلة كنت وقفتينى قد أيه !
قالت على الفور
أنا دورت كويس وملقتش حاجة ولو مش مصدقنى شوف بنفسك
وقف أمام خزانة الملابس ينظر بعبث ثم قال
مش موجودة... ودتيها فين
قالت بدهشة 
منا قلتلك مش هنا مصدقتنيش
عبد الرحمن
طبعا مش مصدقك.. شكلك كده طمعتى فيها.. طب كنت قوليلى وانا كنت هجبلك
شعرت بنبرة المزاح بدأت تتسلل فى صوته فعلمت أنه اخترع قصة الجوارب ليدخل ويتحدث معها فقالت بجدية
لو سمحت اتفضل عاوزه انام
كتف ذراعيه فوق صدره وقال بابتسامة
على فكرة لو بقيتى على طبيعتك هيبقى احسن .. وانا يا ستى مش هادخل الأوضة من غير ما استأذن.. لكن تقفلى الباب والحركات دى ..مش حلوة.. بحس كدة انك خاېفة مني
لم ترد عليه فوقف أمامها قائلا
طب بلاش كل ده .. دعتيلى زى ما طلبت منك
قالت وهى تشيح بوجهها
أيوه دعتلك ربنا يرزقك بزوجة تحبها
أقترب وهو يقول
طب ماهو ربنا رزقنى بيها خلاص الحمد لله
أبتسمت بسخرية مريرة وقالت بجدية 
كل اللى بتعمله ده مالوش لازمة.. وفر على نفسك مجهود انك تحاول تقنعنى بحاجة مش موجودة ... أنا قلتلك انى قررت ومش هرجع فى قرارى .. ولعلمك انا من بكره هلم حاجاتى كلها وارجع اقعد مع مريم..
أنا مش هقبل على نفسى ولا على كرامتى اكتر من كده.
وقف ينظر إليها بصمت للحظات قبل أن يقول بهدوء
بس انا مش مصدقك.. انا متأكد انك بتحبينى وعايزة تعيشى معايا..زى ما انا متأكد أنى عايز اكمل حياتى معاكى
سيطر عليها الإنفعال وهى تقول بعناد 
أنا قررت وخلاص.. وكلامى ده مفيهوش راجعة يا عبد الرحمن
بادلها نفس النبرة العنيدة قائلا
قرارك ده تبليه وتشربى مېته
قالت بدهشة
يعنى ايه
أقترب أكثر وأمسك وجهها بين كفيه قائلا
يعنى انت مراتى وهتفضلى مراتى لحد ما اموت .. أنتيهنا
قالت بانفعال 
يعنى أيه هو بالعافية
أغلق الباب وهو يقول 
أيوه بالعافية.. أنا مش هصبر عليكى اكتر من كده.. انت دماغك ناشفة...وبعدين انا عاوز افهم انت ليه بتلبسى اسدال الصلاة قدامى.. هو انا مش جوزك ولا أيه ..
أتجه إلى خزانة ملابسها واخرج منامة قصيرة تخصها ومده يده به أمامها وهو يقول 
ده بيعمل أيه فى الدولاب.. مبشوفش يعنى الحاجات دى ..
ثم تابع بلهجة آمره
اتفضلى البسى ده حالا
لم تصدق إيمان ما يحدث لم تكن تتوقع بأنه سيثورلهذه الدرجة وينفعل هكذا حتى يخرج عن أطار هدوءه المعتاد بهذه الطريقة ظلت تنظر فى ذهول وصمت فوضع المنامة على المقعد وأمسكها من يدها وأوقفها أمام المقعد وأشار إليها محذرا 
أنا هخرج بره خمس دقايق.. لو رجعت لقيتك مش لابساه هلبسهولك انا
نظرت له وهو يغلق الباب خلفه ولا تكاد تصدق ما يحدث لم تمضى ثوان حتى طرق الباب بقوة أفزعتها 
ها خلصتى ولا آجى اساعدك
قالت پخوف 
حاضر حاضر ..هخلص اهو
تناولت المنامة ونظرت إليها بارتعاش و تقول
لا مش ممكن البس ده ..مش ممكن... أعمل ايه بس ياربى
هوت إلى المقعد وهى تنظر لصورتها فى المرآة بحيرة وخوف حاولت أن تبكى لعله يرأف بحالها ويتركها ولكنها تعجبت من نفسها وهى تقول
هو مفيش دموع بتنزل ليه
أعتصرت عيناها كالأطفال دون جدوى حاولت أن تتذكر اسوء ذكرى فى حياتها لعلها تبكى ولكن لا دموع أيضا خفق قلبها على صوت طرقاته القوية وصوته الجهورى من الخارج صائحا
الخمس دقايق خلصوا يا آنسه !
أنتفضت وهى تبدل ملابسها بسرعة وتقول
حاضر حاضر
يتبع الفصل التالي
الفصل الثانى والعشرون
أنتهت فى سرعة من أرتداءه ونظرت مرة أخرى فى المرآه وقالت
ينهار مش فايت .. أنا مش ممكن اطلع كده أبدا
فتح الباب فجأة وهو يقول بحنق
بقالك ربع ساعة بتلبسى
أختطفت اسدال الصلاة واحتضنته على صدرها لتخفى جسدها تضرج وجهها بحمرة الخجل فى ثوان ولم تستطع أن تنظر إليه مباشرة وهى تقول بتلعثم
انا لسه مخلصتش لو سمحت اطلع على ما اخلص
اقترب منها قائلا
لا شكلك خلصتى والله..
قالها وهو يجذب الإسدال من بين يديها فشقهت نظر لها يتفحصها بإعجاب وقال بمزاح وهو ينظر لعلامات الخجل والخۏف البادية عليها ثم قال بمزاح 
مټخافيش انا هتجوزك مش هتخلى عنك أبدا
قالت بحنق دون أن تنظر إليه
حرام عليك عامل فيا كل ده وواقف تهزر
تصنع الدهشة قائلا
أنت هاتتبلى عليا ولا أيه...هو انا لسه عملت حاجة
وأخذ يدور حولها وهو يقول
بس انا مكنتش اعرف انك حلوة أوي كده
خفق قلبها بشدة عندما شعرت بيده توضع على كتفها وهو يقول
تعالى
تصورت انه سيأخذها فى اتجاه ولكنه خيب ظنها وأخذها خارج الغرفة حتى وصل للمائدة التى وضعت عليها طعام العشاء وقال بلهجة آمره
اقعدى
جلست وهى تنظر له بدهشة وقالت 
جايبنى هنا ليه
جلس أمامها على طاولة الطعام وبدأ فى تناول طعامه وهو يقول 
جايبك تاكلى معايا.. أصلى نفسى بتتفتح وانت قاعدة قدامى وانا باكل
تملكتها الدهشة وهى تقول
يعنى رعبتنى كل الړعب ده علشان آجى اقعد معاك وانت بتاكل
قال مداعبا وهو يتناول طعامه 
وانا اللى فاكرك مؤدبة.. اومال انت افتكرتى أيه
تحركت لتنهض فى انفعال ولكنه أمسك يدها وهو يضحك وجذبها لتجلس مرة أخرى وهو يحاول السيطرة على ضحكاته
وهى تشيح بوجهها عنه فى ڠضب فوضع كفه على وجنتها وأدار وجهها نحوه وقال بابتسامة واسعة
أسمعى بس.. بلاش الانفعال الزايد ده..
جلست وهى تنظر له بعدم فهم فقال وقد استعاد جديته وهدوءه
لو كنت عرفتينى كويس كنت هتعرفى انى مش ممكن اجبرك على حاجة زى كده.. أنا عملت كده علشان اصفى الجو بينا.. وكل اللى انا عملته ده كان هزار.. لكن انا عمرى ما المسک ڠصب عنك أبدا
زادت نظرات الحيرة فى عينيها فقال برقة شارحا
صممت تلبسى كده علشان تاخدى عليا وتقعدى قدامى براحتك وتحسى انى جوزك.. متبقيش خاېفة مني ولا خاېفة من دخولى عليك فجأة
همست بحيرة
بس كده
أومأ برأسه فى مداعبة قائلا
أوعى تفهمينى صح
أرادات إيمان النهوض مرة أخرى ولكنها وجدت نفسها تقول
طب اتفضل كل وخلصنى خلينى اقوم انا بردانه
أقترب بمقعده منها وقال بهمس
طب ما انا ممكن ادفيك
أبتعدت وهى تقول محذرة 
عبد الرحمن
قال على الفور
أيه يا إيمان فى أيه.. أنا قصدى اقوم اجيبلك الدفاية.. انت كل شوية تفهمينى صح كده
وضعت يدها على خدها وتصنعت أنها تحرك شعرها بيدها لتخفى ابتسامتها
مضى اليومين ووقف يوسف أمام مرآته يرتدى حلته السوداء وهو شارد الذهن مشتت الأفكار يشعر برهبة خفية من لقائها كيف سينظر إلى عينيها كيف سيواجهها عندما يخلو بها ماذا سيقول وكيف سيبدأ هل يبدأ بالإعتذار أم يقبل يديها ورأسها لتسامحه نفسه لم تتركه ظلت تحدثهلم تكن أنت المذنب الوحيد .. هى التى دفعتك لذلك دفعا .. ولم تكن أنت الوحيد.. هناك وليد والشابان الذى استقلت سيارة سلمى بصحبتهما والمكان الذى ذهبوا إليه .. هل نسيت كل هذا .
جلس على المقعد وهو ينظر لصورته بالمرآة وكأنه يحادثها قائلا بحيرة
بس انا اتأكدت .. أنا
كنت أول واحد
حادثته نفسه مرة أخرى نعم كنت أنت الوحيد .. ولكن كنت الوحيد الذى اندفع هكذا.. أما البقية فكانوا حذرين.. وهى استطاعت أن تفعل كل شىء دون أن تؤذى نفسها 
وضع يديه فوق رأسه شعر بأنه سيذهب عقله خرج للشرفة ووقف ينظر للسماء وقد تجمعت الدموع فى عينيه قائلا
ياااااارب ... يارب بصرنى بالحقيقة .. هتجنن
أستعدت وفاء بفستانها المميز الرقيق بلونه الوردى بينما ارتدت مريم فستان العقد الذى ارتدته إيمان فى يوم عقد قرانها كان فى غاية الروعة علي جسدها وبساطته واحتشامه وبساطة زينتها أعطتها مظهرا ملائكيا تحركت بصحبة إيهاب وهى ممسكة بيده كالطفلة التى تتشبث بأبيها فى الزحام مخافة الضياع ألتفت لها إيهاب مداعبا وقد شعر بأصابعها تقبض على يده بقوة وترتعش
مالك مړعوپة كده ليه
هزت رأسها بشكل عشوائى لم تجد كلمات ترد بها على دعابته لأول مرة تستقل المصعد وتشعر أنه يأخذها للچحيم لا إلى الطابق السفلى ارتجف قلبها بشدة عندما توقف المصعد معلنا انتهاء رحلته تحرك إيهاب خطوتين للخارج وهى تتبعه ومازالت ممسكة بيده وبمجرد ان وقع بصرها على الشقة مكان الحاډث تجمدت قدماها واصفر وجهها ومادت بها الأرض أسندها إيهاب ولحقت به إيمان التى كانت تنتظرهما بالأسفل وهو يقول فى قلق
مالك يا مريم 
أشاحت بوجهها بعيدا عن أكثر مكان تكرهه على ظهر هذا الكوكب وهى تقول فى اضطراب شديد 
مفيش حاجة.. بقالى كتير بس منزلتش فى الأسانسير .. دوخت شوية
تقدم حسين منهم وقال لإيهاب وهو يرسم ابتسامة مبهجة على شفتيه
عن اذنك بقى العروسة دى تخصنى ..
أخذ يدى مريم وأسندها إلى يديه وربت عليها بحنان كان يعلم أنها المرة الأولى التى تتحرك فيها مريم وتهبط إلى الأسفل كان يعلم بأنها لن تمر على مكان الحاډث مرور الكرام كانت الخطوات بطيئة وهى تتذكر كل صوت وكل حركة مرت بهما فى هذا المكان الذى لم يعد يحمل إلا الألم.
أتجه بها حسين إلى حيث ينتظرها المأذون تحت مظلتهم ورأته لأول مرة منذ الحاډث فى البداية لم تتعرف عليه لأول وهله كان وجهه شاحب للغاية وكأن الأيام مرت عليه سنوات طويلة تفرست ملامحه بغل واضح وكادت
أن تتحرك من مكانها تجاهه دون وعى ولكن حسين قبض على يديها بقوة كانت يدها بارده كالثلج وترتجف من الأنفعال .. همس فى اذنها
الناس كلها مركزة معاكى اقعدى هنا ومتبصيلوش
جلست بجانبه وهو مازال ممسك بيدها وبدأ المأذون فى إجراء مراسم الزواج نهض يوسف ليمضى على الأوراق فخطڤ نظرة سريعة إليها حتى انتهى ووضع القلم مكانه وأشار لها المأذون أن تأتى لتذيل الأوراق بتوقيعها ففعلت ثم وضعت القلم وعادت بجانب عمها أنتهى المأذون قائلا
زواج مبارك إن شاء الله
أنطلقت الزغاريد معلنة ارتباط جديد فى الأسرة ولكنه من نوع خاص جدا
ربت عبد الرحمن وإيهاب على كتف يوسف وعانقاه واحدا بعد الآخر ومهنئين له زواجه وكذلك فعلت فرحة ووالدته وعمه إبراهيم وهنأته إيمان ووفاء بابتسامة ثم أقبلوا على مريم يعانقونها ويقبلونها وهى تجاملهم بابتسامة خاوية ضائعة ..
تم نسخ الرابط