ابناء يعقوب بقلم ولاء رفعت حصري علي موقع أيام
المحتويات
جابك هنا
ابتسم حمزة بدهاء وأجاب
حد يستقبل جوز بنته كدا برضو يا عمي
صاح يعقوب ولوح بيده إليه
أنت بتخرف بتقول إيه ياض! مش قولت ليك خلاص سيرة وفضيناها
اقترب منه وبصوت هادئ أخبره
طيب يا
حاج تعالى نتفاهم بالعقل عشان انت اللي محتاج ليا
وقد داهم الشك قلب يعقوب فقال
والله لو هتجيب لبنتي وزنها دهب برضو مش موافق وأديك سمعتها بنفسك عمرها ما هتعصاني لأنها عارفة وواثقة إن ببقى عايز مصلحتها وبخاف عليها من أي أذى
طيب يا عمي اللي أنا جاي لك فيه ما ينفعش أقوله ليك قدام العمال
كان صبر يعقوب قد أوشك على النفاد فأطلق زفرة وأشار إليه نحو المكتب على مضض قائلا
أخلص
جلس بكل ثقة وهو في وضع المنتصر وعلى وشك أن يربح أول جولة
طبعا انت لسه على موقفك مني ورافض جوازي من بنتك
والله كلك مفهومية
طب إيه رأيك بنتك ما ينفعش تتجوز حد غيري لأنها مراتي
الله يطولك يا روح
رددها بعدما أطلق زفرة لعلها تنفث ولو القليل من غضبه الذي لو أطلقه على هذا الأحمق لم يتركه حيا ثم أردف
ياريت ربع الثقة اللي انت فيها دي يا أخي وبعدين إيه مراتك دي يا ابن سعاد اتلم أحسن لك واللى عمال تلف وتدور عشانه نجوم السما أقرب لك منه
عن حديثه المبهم ليلقي عليه مباشرة الآتي
هجيبهالك من الأخر يا يعقوب يا راوي أنا نمت مع بنتك
هب يعقوب كالعاصفة صائحا
بتقول إيه يا كلب
نهض ووقف يجيب بكل جدية لا تحمل مزاح
زى ما سمعت ولو مش مصدقني خدها عند أي دكتورة نسا هتقولك إنها مش بنت وما تخافش أنا كدا كدا هاستر عليها وهتجوزها يعني المفروض تشكرني
واقفين بتهببوا إيه كله يطلع برة
خرج الجميع فجلس على المقعد ووضع يده على موضع قلبه يرمق حمزة بنظرة قاټلة وأمره بصوت يكاد يكون مسموعا
اطلع اطلع بره يا
خارت
قواه وأصابته حشرجة في حنجرته ثم فقد الوعي في الحال
عاد يوسف من الخارج بعد أن أوصل مريم إلى منزل خالها لتعد نفسها إلى زيارة المساء كما أخبرها
مالك يا ماما راوية قاعدة حزينة وحاطة إيدك على خدك كدا ليه
أجابت بحزن دفين
أختك من يوم ما رجعت انت وأبوك من السفر قافلة على نفسها ومش عايزة تخرج حالها مش عاجبني من وقت ما أبوك رفض حمزة
هو حمزة عايز يتجوزها!
جه هو وأختي وانت و أخوك مش موجودين لأنه عارف إنه هيترفض وأبوك رفضه فحمزة شد معاه راح أبوك طرده
تمكث رقية داخل غرفتها في حالة من الضياع تائهة ما بين أفكارها السوداء كلما تتذكر ما فعله معها هذا الوغد حمزة تبكي بشدة وتصفع خديها
بحسرة وقهر حتى أصابها اليأس وقررت أن تتخلص من حياتها بدلا من أن يفعل بها والدها أو شقيقيها ذلك
فتحت درج المكتب وأخرجت القاطع الحاد رفعت يدها وظلت تنظر إلى رسغها تارة و إلى القاطع تارة أخرى أغمضت عينيها ورفعت القاطع إلى أعلى وقبل
أن تفعلها طرق باب غرفتها فانتفضت وألقت ما بيدها قلبها يخفق بقوة حتى سمعت صوت شقيقها
افتحي يا رقية أنا يوسف
ظلت تلتقط أنفاسها ثم ألقت القاطع داخل الدرج وأغلقته وذهبت لتفتح الباب بوجه شاحب لاحظه جيدا شقيقها
مال القمر قافل على نفسه الأوضة وتقلان علينا ليه
ذهبت لتجلس على طرف الفراش فكانت منهكة القوى أجابت بصوت خاڤت
تعبانة شوية
تذكر حديث والدتها فسألها
تعبانة ولا زعلانة عشان بابا رفض حمزة
وعلى ذكر اسم هذا الذئب الوضيع اتسعت عينيها وقالت باستنكار
لا مش ده السبب بقولك تعبانة يا يوسف إيه الغريب في إن الواحد يكون تعبان
نبرتها التي أصبحت قوية جعلته يتعجب من ردها المبالغ فقال لها
طيب قومي غيري هدومك وتعالي أوديكي للدكتور
نهضت وپغضب قالت
يوسف ممكن تسيبني فى حالي أنا هرتاح كدا اعتبروني مش عايشة معاكم
وعندما رأى رفضها للحديث أو إبداء السبب الحقيقي وڠضبها غير المفهوم قرر أن يتركها لبعض الوقت ثم سيطمئن عليها لاحقا فقال لها
براحتك أنا كنت جاى أطمن عليكي مش أكتر
ولت إليه ظهرها حتى لا يرى الدموع التي تجمعت في عينيها وقبل أن يغادر الغرفة صدح رنين هاتفه باتصال من عرفة فأجاب
ألو يا عم عرفة
أخبره الأخر
إلحق يا يوسف الحاج تعب ووقع من طوله فجأة وخدناه على المستشفي
تنتظر عائلة يعقوب أمام الغرفة التي يتم إسعافه داخلها ينظر الطبيب إلى شاشة الجهاز الطبي ويتابع مستوى الضغط والأكسجين في الډم وضربات القلب دوى صفير يعلن وقوف القلب عن العمل فصاح الطبيب إلى الممرضة
الجهاز بسرعة
أعطته جهاز الصدمات الكهربائية أخذ الطبيب يضع الجهاز على صدر يعقوب فينتفض جسده بلا استجابة كأنه لا يريد الاستيقاظ أبدا فما أخبره به هذا الشيطان حمزة جعل قلبه لم يتحمل تلك الصدمة التي هبطت على رأسه كالصاعقة التي
تودي بحياة من تهبط عليه
ما زال الصفير مستمرا وفي الخارج ينتظر كل من يوسف وراوية وعرفة ومريم ويقف أمامهم جاسر وحمزة الذي تصنع البراءة كالحمل الوديع
كانت راوية تردد
يا رب قومه بالسلامة مالناش غيره يا رب اشفيه وعافيه من أي تعب
خرج الطبيب وملامح الأسف والحزن على وجهه ركض جميعهم نحوه يسألونه
خير يا دكتور
أخبرهم قائلا
واضح إن الحاج يعقوب مريض قلب وماكنش متابع أو بياخد علاج والتعب النفسي زى الصدمة خلت عضلة القلب وقفت تماما عن العمل فيؤسفني أقولكم البقاء لله
لا يا بابا ما تموتش وانت زعلان مني أنا السبب أنا
السبب
لسه شوفتي حاجة ابقي خلي كلمة لا تنفعك وبرضو هتجوزك
10
أبي يا من غرست حب الله في فؤادي ورسخت عقيدة التوحيد في أعماقي يا من كنت لي أما في الحنان و معلما في الأخلاق وأخا في النصح والإرشاد نصائحك نور أسير عليه في حياتي وابتسامتك ثلج يطفئ خۏفي وألمي بحر قلبي الواسع أنت وموج عقلي الدافئ أنت وبياض قلبك بدر في سماء نفسي ومهما وصفتك فلن أستطع أن أكمل ليس تهاونا ولكن شيء أعمق من ذلك
في سرداق العزاء يقف كل من عرفة وحمزة وجاسر لاستقبال من أتوا للتعزية وكذلك يوسف الذي يكبت دموعه عنوة يشعر بآلاف من نصال السيوف تهوى على قلبه بلا شفقة فقد كان والده بالنسبة له هو الأخ والصديق رفيقه الذي لا يفارقه فماذا عساه أن يفعل بدونه فهو لأول مرة يشعر بمعني كلمة يتيم
ربت عرفة على كتف يوسف وقال إليه
شد حيلك يا ابني انت وأخوك البركة من بعده
نظر إليه يوسف بعينين شديدتي الحمرة من فرط البكاء على والده منذ الأمس وقد أضناه الحزن قائلا
أبويا ماټ يا عم عرفة ماټت كل حاجة حلوة في حياتي ماټ سندي وضهري
أخذ يربت عليه وأخبره بمواساة
البركة فيك وفي إخواتك يا ابني ما تقولش كدا هو راح عند اللي أحسن مني ومنك
ردد
يوسف ودموعه تتساقط على وجنتيه
ونعم بالله ربنا يرحمه ويغفر له ويصبرني على فراقه
لكزه شقيقه پعنف في عضده يوبخه من بين أسنانه
ما تنشف ياض وبلاش حركات الستات اللي أنت فيها دي عايز الناس يقولوا يعقوب مخلف عيال فرافير
رمقه عرفة بامتعاض وبعتاب قال له
اعذره يا جاسر مهما كان دا أبوه ومن حقه يعيط مش عيب تخرج مشاعرك
نظر جاسر نحوه بازدراء وتفوه بسخرية
لا وانت الصادق هو
بيعيط لأنه مش هيلاقي الصدر الحنين اللي كان بيدلعه وكأنه ابنه الحيلة
ردد عرفة بحزن لأنه يعلم قسۏة وجفاء قلب جاسر
لا حول ولا قوة إلا بالله ربنا يهديكم على بعض يا ابني
صاح جاسر پغضب
ربنا يهديني إيه يا راجل يا خرفان أنت شايفني مچنون قدامك
تدخل حمزة وأمسك جاسر قائلا
خلاص يا جاسر الناس عمالة تبص عليكم وما ينفعش اللي بتعملوه دا
عقب عرفة على إهانة جاسر له
الله يسامحك يا ابني
وأنا مش ابنك من هنا ورايح لازم تعرف حدودك معايا اسمي جاسر بيه
ألقي تلك الكلمات بحدة فهمس حمزة إليه
اهدى بقى مش وقته لما يخلص العزا ابقى هزقه براحتك
وفي الأعلى في منزل يعقوب حيث تجلس النساء تجلس راوية بحزن وتقوم السيدات بمواساتها شقيقتها تجلس في صمت وهويدا تربت على كتفها
ربنا يلهمك الصبر من بعده يا أم جاسر
كلا من مريم وأمنية يمسكان صينية تعلوها فناجين القهوة يقدمونها إلى السيدات بينما رقية كانت تتمدد على مضجعها في غرفتها تحت تأثير المهدئ حيث أصيبت پصدمة نفسية
صعد جاسر إلى المنزل فرأى مريم تسير نحو المطبخ فألقى نظرة حتى لا يراه أحد من الحاضرين ثم لحق بها ولم ينتبه إلى أمنية التي رأته يتسحب خلف ابنة عمتها تذكرت عندما ذهبت صباح الأمس لمقابلته في الموعد والمكان التي ذكرته له في الرسالة لكنه لم يقرأها لذلك لم يأت
الأسود عليكي هياكل منك حتة
شهقت بفزع واستدارت لتجده يقف خلفها مباشرة تتشبث بالصينية لتجعلها حائل بينهما أو ربما درعا يحميها قائلة بحدة
أنت مش المفروض واقف تحت مع الرجالة طالع تتسحب زى الحرامية وبتعمل إيه في وسط النسوان
ابتسم قائلا
بتغيري علي يا مريوم
رمقته بامتعاض وقالت بسخرية حادة
أغير عليك ليه أوعى تكون فاكر الحركات اللي بتعملها دي تدخل دماغي أنا أصلا مش شايفاك راجل
أنا راجل ڠصب عنك وعن أهلك يا بت
كادت تبكي برغم قوتها
أمامه توسلت إليه
سيب شعري يا جاسر
ظل ينظر إليها بحدة وبنظرة أخرى حتى أطلق زفرة لفحت وجهها ثم ترك شعرها وقال لها بوعيد
ماشي هتروحي مني فين كلها أيام وهتقعي تحت إيدي
كانت أمنية ترى وتسمع كل ما حدث پصدمة الرجل الذي أحبته رفض عرض الزواج منها الذي فرضه عليه والده ورأت أن مريم هي السبب الجلي لرفضه
بعد مرور أيام العزاء الثلاثة حان ميعاد إعلام الوراثة اتصل المحامي المسئول عن الشئون القانونية الخاصة بمتاجر يعقوب وأولاده طلب من أفراد العائلة أن يجتمعوا جميعا فكان هذا الاجتماع
داخل منزل يعقوب
أمسك المحامي بمجموعة من الأوراق وبدأ الحديث قائلا
الحاج يعقوب الله يرحمه كان بيملك بيت من أربع أدوار وخمس محلات لبيع المفروشات الحاجة راوية نصيبها التمن في كل الممتلكات إما بالنسبة لأبناء الحاج فجاء في القرآن الكريم في سورة النساء الآية رقم١١ بسم الله الرحمن الرحيم يوصيكم
متابعة القراءة